كتب آشلي كيرك ومانيشا جانجولي وإد جارجان وأنطونيو فوتشي وبرينا شاه ولور بولينييه قصة نور أبو شمّالة، الشابة البالغة 26 عاماً، التي عادت في أكتوبر إلى شقة عائلتها في مدينة غزة، فوجدت الغرف مدمّرة، والجدران متضررة بفعل القصف، ولا ماء ولا كهرباء، ومع ذلك ظل المكان بالنسبة لها «البيت». منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، اضطرت نور إلى النزوح ست مرات، في رحلة متواصلة من الفقد والبقاء، روتها عبر صور ومقاطع فيديو التقطتها بنفسها، مدعومة بصور أقمار صناعية تكشف حجم الدمار.

 

نشرت الجارديان هذا التقرير التفاعلي اعتماداً على متابعة ميدانية وتوثيق بصري امتد لشهور، لرسم خريطة تنقّل العائلة وكيف تغيّرت الأحياء التي سكنتها تحت وطأة الحرب.

 

نزوح بلا نهاية وعودة مشروطة

 

تصف نور شعوراً مزدوجاً عند النظر إلى المستقبل، إذ تشعر براحة لأن القتل والنزوح والدمار توقفوا، وترى فرصة للعودة إلى البيت، لكنها في الوقت نفسه تدرك قسوة الواقع. تقول إن غزة تحتاج وقتاً طويلاً للتعافي، وإن الحياة لم تعد بعد، وإن الألم والندوب لا تزال حاضرة. يلازمها خوف دائم من أن تستيقظ يوماً لتجد الحرب قد عادت، وأن يُسلب البيت والحلم مرة أخرى.

 

رغم الخراب، تتمسك نور بفكرة العودة إلى مسارها المهني في القانون الدولي. تستعيد نصيحة مرشدها الأكاديمي في بداياتها: «طريق العدالة طويل». تعيش حياتها الآن معلّقة بين تأمين البقاء اليومي ومحاولة ترميم ما تبقى من البيت، وبين أمل التعليم والعمل خارج الحرب.

 

مدينة مكسورة وحلم مؤجل

 

تنتظر نور فتح معبر حدودي كي تبدأ دراسة الماجستير في الأردن، وهو المسار الذي خططت له قبل الحرب. تصف غزة بأنها ليست جدراناً أو مكاناً فحسب، بل كياناً حياً يسكن داخلها. تعترف بأنها أحياناً تتمنى لو لم تستيقظ في السابع من أكتوبر، أو لو استطاعت محو الذاكرة وكأنها لم تعش كل هذا. لكن الواقع يفرض نفسه، فتظل مع عائلتها في مدينة مكسورة، تحاول إعادة بناء ما يمكن إعادة بنائه.

 

تشير القصة إلى أن خبراء في الأمم المتحدة خلصوا إلى أن أفعال إسرائيل في غزة ترقى إلى إبادة جماعية، وهو توصيف ترفضه إسرائيل. وبينما تتواصل التحقيقات، تبقى حياة نور معلّقة، تتوازن بصعوبة بين النجاة اليومية والطموح إلى مستقبل مهني وإنساني يتجاوز الحرب.

 

كيف وثّقت الجارديان القصة؟

 

اعتمد المشروع على مصادر متعددة لتتبع أماكن سكن عائلة أبو شمّالة خلال العامين الماضيين، وكيف تبدلت الأحياء مع تصاعد القتال. حافظ فريق الجارديان على تواصل منتظم مع نور وخليل أبو شمّالة لمدة شهرين، لجمع المواد البصرية والتحقق من الوقائع. استخدم الفريق صور أقمار صناعية من شركتي Planet وVantor لتقييم الأضرار والحركة عبر الزمن، مع تأريخ الصور داخل المادة نفسها.

 

تحقق الصحفيون من الأضرار المبلّغ عنها عبر مقارنة تحليل الأقمار الصناعية بمقاطع مصوّرة من المستخدمين، وتقارير إخبارية، وتحديثات رسمية صادرة عن الجيش الإسرائيلي. حدّد الفريق مواقع اللقطات التي قدّمتها نور بالاستناد إلى معالم واضحة، وقارنها بصور الأقمار الصناعية. وباستخدام مزيج من هذه المواد وصور أرشيفية، أكدت الغارديان مشاهد تُظهر المباني قبل تدميرها وبعد ضربات جوية إسرائيلية.

 

اليوم، تكتب نور كتاباً عن تجربتها خلال الحرب، محاولة تثبيت الذاكرة في مواجهة الفقد، والتمسك بمعنى «البيت» في مكان تغيّر شكله، ولم يفقد روحه في نظر من بقوا.

 

https://www.theguardian.com/world/ng-interactive/2025/dec/16/what-is-home-now-a-womans-two-year-search-for-safety-in-the-ruins-of-gaza